دراسة نقدية لمجموعة المبدع القدير السيد حسن القصصية فيما يرى الفاهم بقلم د. إيمان حجازي




 صعب جدا إنك تكتب دراسة لعمل أدبي عارف إن صاحبه مبدعا حقيقيا، مبدعا من النوع التقيل.

وتزيد الصعوبة عندما يكون هذا المبدع ناقدا.

وربما تتفاقم الصعوبة إذا كان هذا المبدع ليس فقط صديقا عزيزا بل راعيا لابداعك أنت نفسك منذ البداية.

ولكن الله المستعان....


نحن اليوم في حضرة مجموعة قصصية بعنوان (#فيما_يرى_الفاهم) للكاتب المبدع المسرحي الناقد والشاعر السيد حسن 


لا اخفيكم سرا أني قرأت هذه المجموعة ثلاث مرات قبل كتابة هذه السطور.

في المرة الأولى قرأتها من منظور القصة القصيرة، فقد كنت أقرأ من نسخة pdf لم يكن لها غلاف...

وقد كونت عنها رؤية معينة خاصة بالقصص القصيرة التي تخضع لقواعد خاصة طبقا لمفهوم الحداثة وما بعدها.


ولكن عندما استلمت نسختي الورقية ووجدت عنوان الكتاب مجموعة قصصية وفقط، أعدت قراءتها مرة أخرى وفقا لقواعد كتابة القصة بصفة عامة.


وسوف نبدأ من حيث علمنا الكبار قراءة المجموعة القصصية من خلال عتبات النص الأولى ألا وهي #الغلاف_وإسم_المجموعة_وصورة_الغلاف

 فنقول:-

بداية 

*اسم_المجموعة #فيما_يرى_الفاهم يحيلنا إلى عمل أدبي للكاتب العظيم العالمي #نجيب_محفوظ بعنوان #رأيت_فيما_يرى_النائم..

وإذا كان النوم هو المرحلة الكاشفة لغموض المجهول في بعض الأحيان حتى أنه يمر علينا أوقات نلجأ فيها للنوم لنستريح من الحيرة محاولين الوصول إلى حلول معينة أو هربا من آلام محددة، فنجد أن النوم بعصاه السحرية لا يخيب أملنا، وعندما نصحو نكون إما أننا قد إرتحنا جسمانيا وعقليا أو قد أنعم علينا السبات بالحلول المريحة والمنطقية.

فهناك مساحة مشتركة بين الفاهم والنائم والتي تدلنا إلى بعض الحلول هذا فيما يخص العنوان.


أما فيما يخص

*صورة_الغلاف 


فهي تضم العديد من الأفكار:-

١- فتاة جميلة تعكس معنى الفهم وتطرح معاني الجمال المطلوب لإستمرار الحياة.


٢- نصف وجه الفتاة مستتر أو مختفي بمعنى أن الحقيقة لا تظهر وجهها كله لشخص واحد، وحتى الفاهم نفسه يرى نصف الرؤية وربما هذا يربط بين ما يراه الفاهم وما ينكشف للنائم ليرى النصف في اليقظة والنصف في المنام.


٣- الصورة تشي من منظور ما بأنها لشفايف تضع قبلة على شفايف أخرى. وقد يؤكد هذه الرؤية اختلاف لون الجلد في النصفين، الذي يلفت النظر لأنهما ربما يكونا شخصان.


٤- مستوى شعر الفتاة والأوصة ثلاثي الأبعاد ومستوى مهوى القرط ثلاثي الأبعاد أيضا.

وهذا يؤكد أننا نبحث في منطقة مثلث الحياة وفلسفتها والمنطق، حيث يزيد فيها الإبداع حيز الحق والخير والجمال.


٥- لون شعر الفتاة ولون الشفايف هو اللون الأحمر الصريح، الذي هو لون الثورة، لون الدم، لون الشهوة، لون العشق.

بينما لون القرط ولون الكوليه حول العنق هو اللون الأزرق، الذي هو لون عمق البحر، بعد السما، لون النقاء، لون الإخاء والاحتواء عند الفراعنة كما يذكرنا بالمرحلة الزرقاء في حياة إبداع بيكاسو.


٦- يتبقى أن ننظر إلى عين النصف المفتوح الناعسة ليتأكد لنا وجهة النظر بأنها عين عاشق تتلقى قبلة من معشوق فتغرق في بحر من الوله والتيه.


كل ما سبق يوحي بعمق الرؤية الحسية التي تكمن في مضمون الكتاب والتي يحاول الغلاف أن يبوح بها شيئا فشيئا.


أما فيما يخص 

*كلمة_الغلاف_الأخير_المنتقاة والتي يصحبها صورة للمبدع نفسه وهو مشبك أصابع اليدين يداري بهما تقريبا منطقة الفم وينظر بثقة للقارئ وكأنه يقر بأن له طريقته الخاصة في التعبير الذي لا يعتمد على الأحرف ولا الكلمات، إنما هي لغة موجات ضوئية ترى وتنفذ عبر الفضاء هذا ما يطلقون عليه Eye contract.


وهذا نص الجزئية المختارة والتي نتحدث عنها:-

(رَأيتُ فِيمَا يَرَى الفَاهِمُ خُيُولًا تَمرَحُ فِي العَيْنَيْنِ السَّوْدَاوَيْنِ، وَتُوشِكُ أَنْ تَدْهَمَنِي، وَلَوْلا أنَّي حَوَّلتُ عَيْنَيَّ بَعِيدًا، منتحِيًا عَنْ طَرِيقِهَا فِي الَّلحْظَةِ الأخِيرَةِ، لَكُنتُ الآَنَ صَرِيعَ الخُيُولِ، قَتِيلَ العَيُونِ، شَهِيدَ الغَفْلَةِ.

العُيُونُ أَسرَارٌ خَفيَّةٌ تُغرِي بالاستكشافِ، وَوعُودٌ مُؤَجَّلَةٌ تَحُضُّ عَلَى الانتِظَارِ، وَمُوسِيقَى إلَهيَّةٌ تَحْمِلُكَ عَلَى الإنصَاتِ، وَعُطُورٌ مُنطَلِقَةٌ تُحِيطُ بِكَ مِنْ كُلِّ اتِّجاهٍ.

العُيُونُ تَارِيخٌ عَرِيقٌ مَجِيدٌ يَتلُو عَلَيكَ وَقَائِعَهُ وَغَرَائِبَهُ وَحَكَايَاهُ، وَهِيَ مُستَقْبَلٌ غَامِضٌ تَلُوحُ نَهَارَاتُهُ وَتَخفي، وَتَبُوحُ لَيَالِيهِ وَتُخْفِي، هِيَ مَمَالِكُ مَحْجُوبَةٌ مُنذُ الأَزَلِ، وَسَمَاوَاتٌ مُنْفَتِحَةٌ عَلَى الأَبَدِ).


أما فيما يخص #الإهداء

فقط جاء شاعري بامتياز، ولما لا وكاتبه يحمل سمة الفرسان التي انقرضت منذ زمن وينطق بلسان النبل والشعر الذي هو فأسه وفرشاته وآلته الوترية للعزف.


ولذلك لا يفوتنا أن نتوجه إليه بالشكر على ضبط الكلمات التي تحكي القصص ضبطا نحويا، حيث لا يخفى علينا حرصه الشديد على أن تقرأ حروفه وسطوره بشكلها المنضبط جدا كحرصه على الابداع وتحقيق الامتاع للقارئ من خلال صفحات وعناوين هذه المجموعة، وكل هذا منبثق من كونه أحد سدنة اللغة العربية وحماية أصولها وأركانها كرئيس سابق للجنة حماية اللغة العربية بإتحاد الكتاب.


وقبل أن نتطرق في الكلام بشكل تفصيلي لكل قصة، سوف نبدأ بطرح خصائص أو سمات كتابة السيد حسن الإبداعية:-

** تهيم الذات الكاتبة عشقا بالتفاصيل، وهذا يفسر الخضوع إلى كتابة القصة وليست القصة القصيرة التي تقوم على منهج التكثيف والإختصار.

وهذا ما سيجعلنا نتجاوز عن تكرار بعض العبارات أو بعض الجمل اثر البعض والتي لم تضف شيئا إلى المعنى ولا إلى السرد، لو كنا نتناول الكتاب من وجهة نظر القصة القصيرة لقلنا أن هذه الجمل ليس لها طائل من إضافتها وإنما كان من المفضل حذفها، لكن أما وأننا نناقش قصصا وفقط، فإننا سنتجاوز عن هذا التكرار وهذا الاطناب المحبب في هذا الموضع بل سنرحب به ونثني عليه لكونه يضيف رونقا وإبداعا للسرد.



** توظف الحوار في بناء القصة بشكل يضيف إلى العمل ويقوي بنيانه.


** تستخدم تقنية الراوي العليم والراوي الأعلم بصوت الأنا (المتكلم).


** تسبح الذات الكاتبة في منطقة ما بين الرواية والقصة (النوفيلا) حيث تصف الشخوص وصفا فيسيولوجيا وكذلك تصف الأماكن، بحيث يأتي البناء الدرامي لو تركت له الفرصة للإفلات من حيز الحجم، ومع إتساع رقعة الحكي أكثر، أن يمتعنا برواية أو نوفيلا على أقل تقدير.


** المجموعة القصصية يمتزج فيها التاريخ (الماضي) بالحاضر في سرد بديع.


** ولم تخلو المجموعة من التناص على مستوي التناص الأدبي والاقتباس القرآني.


** كما حرصت الذات الكاتبة على إظهار مبدأ الوحدة والذوبان المجتمعي لقطبي الأمة مسلم  مسيحي.


** تحرص الذات الكاتبة على ذكر الأسماء في كل قصة بشكل يسترعي الانتباه ويؤكد بأنها قصصا حقيقية أو واقعية.


** عناوين القصص في المجموعة غير كاشفة وليست توحي بما يتضمنه السرد، بما يدل على رغبة الذات الكاتبة واستمتاعها في مراوغة القارئ واللعب معه لعبة استغماية، حيث تختبئ الأفكار وعلى القارئ التفاني في اكتشافها بنفسه.  


** وبالقطع لم ينس الكاتب أنه بالأساس شاعر، فقد مزج السرد بالشعر في تضفيرة مائزة تضيف متعة للقارئ.


** كون الكاتب شاعرا لم يقتصر على إضافة بعض الأبيات الشعرية للسرد، وإنما جاء واضحا جليا في تكوين الجمل، وطريقة النقل من عبارة لأخرى على نحو يشكل لوحات فيسفائية أو سوناتات موسيقية حالمة، تزيد من المتعة التي يحصل عليها المتزوق أو حتى القارئ العادي.


ويتضح كل ما سبق فيما يلي:-

تحت عنوان #سُلطَان_الدُّومِينُو ... يدخل الكاتب مباشرة إلى صلب الحكاية منذ الكلمة الأولى فيقول (لا أحسبه وصل إلى الستين من عمره بعد، ولم يحك أحد القريبين منه أنه تعرض لحادث ما......) ويستطرد في الحكاية، ويضفر ما بين الأسماء والأحداث والوظائف، ويطرح الأسئلة ويجيب عن بعضها ويترك البعض معلقا، وقد يرى البعض أن هذه الانسيابية لا تخبرنا بشئ معين غير أننا لا نشعر بالضيق ولا نستاء من التتابع أو المتابعة.


ولكننا وسط هذه السطور نجد الذات الكاتبة تفجر لنا قضية مجتمعية قد لا يخلو منها بيتا وهي ما نسميه بال #زهايمر ، هذا المرض الذي يأكل من ذاكرتنا الحاضرة أو القريبة ويعيدنا بشكل لا إرادي لذاكرة عفى عليها الزمان تحقق مثلا شعبيا كانت تذكره جدتي كثيرا (يا مكبرنا يا مصغرنا).


كما أن الذات الكاتبة تطرح سؤال يتعرض لنظرية #النشوء_والإرتقاء ل #دارون والتي تنص في أحد أركانها على أننا إذا استخدمنا حواسنا كثيرا وبإستمرار فذلك يجعل خلاياها تتجدد ولا تتبدد، والعكس صحيح...

غير أن ما حدث في قصتنا تلك عكس النظرية تماما، فهل هناك خلل ما في النظرية?!

وهل يجب علينا البدأ في النظر والتعامل مع النظريات التي آمنا بها وصدقناها في صدر شبابنا بشكل مختلف!!!

ولنقول كلنا (عقل يُك.... نظريات يُك).


أما قصة #سُيُولٌ_مِنَ_النَّافِذَةِ.... من أين بدأنا وإلى أين انتهينا?

سرد رائع ينساب كالماء في الجدول، فقد عرج بنا على هذا الاختراع الجهنمي الخطير (التليفزيون) ويختم بحدث مهيب لا ينمحي من ذاكرة من عايشوه (جنازة الزعيم  جمال عبدالناصر) محتضنا ما يتأجج في الصدور من عداء للعدو الأوحد الصهيوني موضحا مدى بسالة المواطن المصري في كل مكان وخاصة في مدن القناة بشكل يتناسب مع المعاناة التي عايشها وقت الاحتلال.... وبشكل يجعل من هذا التحول منطقيا رغم كونه منافيا للطبيعة حين يقول الشاعر (حتى الشعور البيضة سودها الألم).


وقصة #ثَلاثَ_عَشرَةَ_خُطوَةً

رغم كونها أقصر قصة في المجموعة لكنها لم تخلو من الحبكة والرقة والشغف الذي تولده السطور مع المتابعة. فهي قصة للحب الخفي الذي نتعرض له ويشاغلنا بصفة دائمة ولكننا لا نحن ولا هو نعلن عن وجوده ولا نسلم مجرد تسليم بإنتماء أي منا للآخر.

ولو كان لي حق الاقتراح أو التبديل لأسميت هذه الطقطوقة (يَا دَوا التَّعْبَانِ يَا نَعْنَاع).


وقصة #عهدُ

قصة شيقة جدا تحكي تفاصيل لم يمر بها الكثير منا مما تتبع في الأرياف في الإحتفالات الصوفية بالمشايخ وأصحاب المقامات،

وما تتضمنه هذه الليالي من أحداث عديدة منها الذكر والاستعراضات وأحيانا تتضمن حفلات أو طقوس خاصة بطهور الذكور وكذلك تضم الإستعراضات أو الألعاب البهلوانية.


هذه الأجواء تذكرنا برائعة #صلاح_جاهين والتي نحفظها جميعا عن ظهر قلب أوبريت (الليلة الكبيرة).


غير أن هناك شق آخر تتضمنه القصة وهو شق #العهد...بما ينطوي عليه من معنى فحواه أن الشيخ المهيب إصطفى أحدهم ليكون الوريث... وهذا موضوع صعب التحدث فيه بغير علم، ولذلك هو متروك لذوي المعرفة...

بسم الله الرحمن الرحيم  (وفوق كل ذي علم عليم) صدق الله العظيم.


وقصة #الطرحة

تبدأ القصة بسؤال أهذه الطرحة خمار إمرأة أم كنز لا ينفد?!

وكلمة ينفد بالدال تحيلنا إلى الإقتباس القرآني 

بسم الله الرحمن الرحيم (مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ) سورة النحل

كما تحيلنا إلى (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا) سورة الكهف.


والمعنى المنصب على السؤال الكنز الذي لا يفنى هو الفارق بين ما يكمن في معنى الإستخدام والإعتقاد...


كل منا في حياته أم رؤوم أو جدة عطوف نعشق حنانها وعطاءها وحكاياتها أيضا التي ربينا عليها، وما ترسمه لنا من خيال كأنه الجنة بكل ما فيها وكل من فيها، وتقنعنا بأن هذه الجنة تحبنا وترسل لنا عطاياها مع الراحلون فتقول بصوتها الحنون على عطاياها التي لا تخلوا طرحتها منها (تعالوا نشوف ماذا بعثه أبوكم من الجنة) .


وقصة #ميريت

هي أول قصة في المجموعة يذكر فيها إسم إمرأة، فتاة هي ميريت ثم بعد ذلك توالت أسماء النساء في المجموعة، حيث ذكرت في هذه القصة نفرتيتي وتاميت، ثم جاء العديد من أسماء النساء في باقي قصص المجموعة.


هي قصة تاريخية بكل أبطالها وأحداثها تذكرنا بماضي الأجداد. وتوضح شيفونية المصري على أي المستويات وخاصة إذا كان شاعرا قاصا ناقدا، فلابد أن ينتهز الفرصة ليوضح لمن يقرأ كيف كان الماضي المصري الجليل وكيف كان تاريخ مصر العريق. 


كما تذكرنا بعبادة الخالق الواحد الأحد دائما أبدا، وكيف استدل عليه أخناتون، وكما ذكر في القرآن من حكاية النبي إبراهيم عليه السلام وكيف وصل وآمن بوجود المولى ووحدانيته حين تنقلت عيناه وروحه في الملكوت، وكما جاء في سورة الأنعام بسم الله الرحمن الرحيم (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَىٰ كَوْكَبًا ۖ قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) صدق الله العظيم.


وقصة #الكاشف

يلجأ بعض الكتاب إلى تقنية الإسترشاد بالأسماء وما توحي به من معنى تحت عنوان (أن كل منا له حظ من اسمه) وأحيانا كما جاء في قصتنا تلك يكون الإستخدام لإثبات العكس.


ففي قصتنا هذه قسم الكاتب إسم #إبراهيم_الكاشف إلى نصفين، استخدم النصف الأول في كشف حقيقة ما يطرح عليه من أشياء بشكل يرضي شغفه بالمعرفة.

أما النصف الآخر والذي فرض نفسه عليه وقد كان فوق حدود الشغف المعرفي ويدخل تحت عباءة الأسرار والأمانات، لذلك قرر أن يحتفظ به في مكمن عقله ولا يبيحه لأحد.


غير أن نهاية القصة جاءت لتفجر سؤالا لدينا أو لتؤكد معلومة بأنه ليس الكل قادرا على الكتمان، وإلا كيف للشيخ محمود محمد عطا، وهو الشيخ المتعلم وهو في ذات الوقت إبن الشيخ محمد عطا صاحب الوصية الذي أكد وألح على حتمية الكتمان، وهو الشيخ الذي كفن وغسل وستر عورة إبراهيم الكاشف، أن يسرد هذا البوح المؤتمن?!!!!!


قصة #أم_وحيد

قصة تعبر عن المعاناة الحقيقية التي تجابهها وتعيشها المرأة في كافة المجتمعات وخاصة المجتمعات الشرقية، فالمرأة تظل طويلا تحلم بالزوج والحبيب وتمر أعوامها وسنوات عمرها دون أن يتحقق هذا الحلم، فتوصم بالعنوسة ولذلك تقل فرصتها في الزواج من شخص تحلم به فيأتيها من هو مطلق أو من ماتت عنه زوجته.


وعندما تقدم لهذه المرأة زوج أختها المتوفاة رفضت، ربما أحست بأن أختها ما زالت تحيا بينها وبينه، وربما كانت تخشى أن يقارن بينها وبين أختها في بعض المواقف....

ولذلك عندما كسرت القاعدة وتزوج بغيرها وأنجب وتقدم لها مرة أخرى بعد أعوام، خارج نطاق المقارنة مع أختها وبعيدا عن طيف أختها تزوجته، ورزقت منه بالفعل بولد، ولكن لكونها تآمن بأن كل ما تملكه لابد أن يظل لها، عندما ذهب إبنها إلى مكان ما وعاد جثة هامدة لم تطرح على نفسها ولا على عقلها فكرة أنه مات، وظلت تحيا معه وتحتضنه باقي أيامها.


وهذا الفكر ربما لم يعد قاصرا على هذه المرأة وحدها، بل هناك العديد من البشر لا يصدقون بأن أمواتهم فعلا رحلوا، بل يتعايشون معهم، يحدثونهم ويحيون معهم حياة تكاد تكون طبيعية، يتوهمونها? نعم. 

ولكنها تكون مكمن الراحة والأمان بالنسبة لهم.


وقصة #الطبلية

ما زال الكاتب مغرما أن يداعبنا أو يلاعبنا.

فالموضوع هنا ليس هو رمضان ولا صوت عبدالمطلب ولا حتى صوت الشيخ محمد رفعت.


الموضوع ليس أول ليلة ولا أول يوم في رمضان.


الموضوع ليس الإجتماع على الإفطار والسحور مع الأسرة وفي البيت العامر.


الموضوع ليس هو الذهاب إلى الوحدة في الجيش والمرور في الطريق الوعر والخوف من الذئاب والإستئناس بصوت محمد قنديل.


وليس بالقطع هو الإلتفاف حول طبلية الأسرة وفي حضن الأم الطيبة. 


إنما الموضوع كما إتضح لنا هو الذوبان الفطري بين قطبي الأمة المسلم والمسيحي هو الإتحاد وهو أن مصر منذ الأزل وإلى الأبد كانت وستظل هي الدولة التي يذوب فيها الأديان،

الدولة التي تحتضن الإنسان، الدولة التي ليس بها أقلية، وليس بها غريب، وكل من جاء إليها، وشرب من نيلها، وإستظل بسمائها، وعاش على أرضها، وتعامل مع أهلها، صار قريبا، وصارت له وطن، سواء كان مصطفى أو مينا.


وقصة #فيما_يرى_الفاهم 

هي مكاشفة صريحة جريئة جدا نادرا ما يعلنها إنسان عن نفسه.


فهي من قبيل الأسرار شديدة الخطورة والتي توضع في مظروف أحمر أو يخط عليه بعلامة × حمراء ويكتب عليه #سري_للغاية ويحفظ في الركن البعيد الغامض من النفس.


هذه أشياء إن بدت للجميع تهدم وتمزق أواصر الثقة بين الناس ، وإذا طرحت للنقاش، بشكل أو بآخر، يكون الرد الحتمي عليها الإنكار.


ولكن هنا الذات الكاتبة تطرح وتذكر وتتذكر بل وتباهي بالفعل ورد الفعل....


وأنا من موقعي هذا كقارئ أو ناقد لن أشجب ولن أرفض وذلك احتفاظا للكاتب بحريته وحقه في أن يكتب ما يعن له، غير أني لن أقبل هذه المكاشفة المعلنة، وسوف أترك الذات الكاتبة تلاقي ما تستحقه من القراء والنقاد على إختلاف أذواقهم.


وفي النهاية أقر بأني استمتعت جدا بقراءة هذه المجموعة، وسعدت جدا بالوقت الذي أمضيته في رحاب #فيما_يرى_الفاهم، وأدعو الجميع إلى قراءتها والتحدث عنها، وأحيي الكاتب الصديق أستاذ السيد حسن وأتمنى له مزيد من الإبداع.

...

بقلم

د.إيمان حجازي




تعليقات